الملخّص: احتفاءً بمئوية مولد المنظّر المعروف عالميًا فرانز فانون، يستخرج هذا المقال مقتطفات من أعماله الكاملة من أجل البحث في أهمّيتها بالنسبة للكفاح المناهض للاستعمار وحرب الإبادة في غزّة. بفعلنا هذا، نسعى لإقامة روابط واصلة ونقدية، عابرة للزمان والمكان، إضافة إلى تلبية نداءات من سبقونا باستعادة فانون الثوري على حساب الأيقونة السطحية الرائجة في الإعلام وفي المساحات النشاطية الغربية والمتلبرلة، إلى جانب استملاكه من قبل الأوساط الأكاديمية لبثّ خطاب "ما بعد استعماري" ومضادّ للثورة، وهو أمر بات معروفًا وموثّقًا.
لقد شهد الشهر الماضي فيضًا من التحيّات والبيانات التي تحتفي بمئوية مولد فرانز فانون. إنّ الفكر السياسي لفانون وكتاباته، وهو الذي يمثّل بالفعل شخصية مخضرمة وأسطورية على مستوى الممارسة الثورية المناهضة للاستعمار في العالم الثالث، قد ألهمت الثوريين وأثّرت على أيديولوجية الحركات المناهضة للاستعمار حول العالم وممارستها الثورية لما يقارب ٨ عقود.
وُلد فانون في المارتينيك سنة ١٩٢٥،وألّف في حياته القصيرة ثلاثة مجلّدات مدوّية في مجال الفكر الثوري الأفريقي، إلى جانب مجلّد رابع من كتابته نُشر بعد فترة وجيزة من وفاته بمرض ابيضاض الدمّ عن عمر ٣٦ سنة1. تضاف إلى ذلك، مجموعة واسعة من المقالات التي نُشرت في جريدة المجاهد، وهي الجريدة السياسية لجبهة التحرير الوطني الجزائرية، إلى جانب أعمال في السياسة وعلم النفس والأدب نُشرت مؤخّرًا ضمن مجموعة "الاستلاب والحرّية"2، وتشمل الكتب الأربعة الكاملة: "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء" (١٩٥٢)، و"الثورة الجزائرية في عامها الخامس" (١٩٥٩)، و"معذّبو الأرض" (١٩٦١)، و"لأجل الثورة الإفريقية" (١٩٦٤). لقد صدر أوّلهم باللغة الإنجليزية تحت عنوان "Black Skin, White Masks"، في حين أنّ الثورة الجزائرية في عامّها الخامس قد نُشر بعناوين مختلفة، حتّى تمّ اعتماد عنوان "A Dying Colonialism" (استعمار يحتضر) سنة ١٩٦٧. كان عمله الأخير، معذّبو الأرض، أوّل كتبه التي تمّت ترجمتها للانجليزية في واقع الأمر، فقد صدر للمرّة الأولى تحت عنوان The Damned (المعذَّبون)، قبل أن يتمّ اعتماد عنوان The Wretched of the Earth (معذَّبو الأرض) سنة ١٩٦٥. إنّ مجلّد "لأجل الثورة الأفريقية" الذي يجمع مقالات كتبها بين سنتي ١٩٥٢ و١٩٦١ والذي صدر بعد وفاته، ظهر في الإنجليزية للمرّة الأولى تحت عنوان Toward the African Revolution (نحو الثورة الإفريقية) سنة ١٩٦٩.هذه النصوص الأربعة، 3والتي لا تتعدّى مجمل صفحاتها عدد ال٩٠٠ صفحة، تظلّ أعمالًا أساسية وجوهرية ضمن الشرائع العالمية للنظرية الثورية والفكر المناهض للاستعمار.
في الخطاب العامّ، يتمّ تقديم فانون في بعض الأحيان بوصفه مجرّد طبيب نفسي من المارتينيك وناقد للعنصرية الاستعمارية، مما يعكس غالبًا ارتباطًا أكاديمياً ضيقاً مع أوّل كتبه وأكثرها تحفّظاً سياسياً؛ بشرة سوداء، أقنعة بيضاء.. في أوساط أخرى، يتمّ وصفه على أنّه "رسول للعنف"، ما يعكس رفضًا استعماريًا عنصريًا ورهاب من المقاومة المناهضة للاستعمار، إضافة إلى قراءة ضيّقة لمفهوم العنف عنده، والذي يتميّز بتطوّره ودقّته العالية في مجمل أعماله، سواء في شكله "الخالص" كعنف استعماري أو في شكله المناهض للاستعمار، أي المقاومة أو العنف المضاد4. أمّا في أوساط أخرى بعد، فيوصف بكونه "ماركس العالم الثالث"، وهو التوصيف الأنسب، إذ يضعه ضمن تقليد سياسي-فكري وثوري مناهض للرأسمالية والامبريالية، وهذا على الرغم من الاعتراضات المرتبكة من قبل بعض مؤوّلي ماركس الغربيين التقليديين والدوغمائيين، وكذلك من قبل بعض القراءات الهوياتية التي تميل لنزع السياق عن تعليقاته الشهيرة فيما يخصّ "التخفيف من حدة التحليل الماركسي"5، بغرض الإيحاء برفض وهمي للماركسية كتيّار فكري، بدلاً من كونها رفضاً للعقائد الخاصّة بال"ماركسيين" المدّعين. إنّ هاتين النظرتين تنتجان نوعًا ميكانيكيًا من الماركسية المجرّدة نظريًا، والمنفصلة عن جدلية مادّية دينامية تمثّل بالفعل أداةً منهجية للممارسة الثورية، وليس مجموعةً من التعريفات الضيّقة والمحدودة ثقافيًا وتاريخيًا. خاصّة وأنّ هذه التعريفات غالبًا ما تتجاهل مستويات التجريد المنطقي عند ماركس، فتخلق قوانين دائمة تُطبّق جزافًا من أقوال شرطية، ليتم اختزال الرأسمالية والامبريالية بصورة ميكانيكية لأشياء ثابتة عوضًا عن سيرورات شديدة المرونة.
في الواقع، كونه شخصية يتمّ تسليعها في الإعلام السائد وتقديمها كمجرّد أيقونة، واستملاكها وتبسيطها من قبل "المثقّفين الحاذقين"6 في الأوساط الأكاديمية الذين "يجزّؤون فانون من أجل مبادرة طبقية ما بعد ثورية أو مضادّة للثورة"، يصبح من السهل إغفال فانون الثوري7، فانون الوحدوي الأفريقي والماركسي والثلث عالمي، وعن فانون المناهض للاستعمار والداعي للثورة في العالم الثالث8، وليس فانون ما بعد الاستعماري. نتحدّث ههنا عن فانون الذي لم تلهم أعماله الكاملة الثوريين حول العالم فحسب، بل حافظت على أهمّية مستمرّة بالنسبة للكفاحات المناهضة للاستعمار التي تُخاض في الفترة الحالية. إنّه فانون الحيّ الذي نستطيع من خلاله أن نقيم روابط نقدية وجامعة عابرة للمكان والزمان، من أجل مواصلة نوع العمل المقاوم، جسديًا وأيدولوجيًا واقتصاديًا وثقافيًا وفكريًا وغيرها، اللازمة من أجل وضع حدّ، أخيرًا، لهذه الامبريالية الاستعمارية للغرب التي تنتج اليوم العنف الأشنع بحقّ معذّبي الأرض حول العالم، وخاصّةً في غزّة.
الاستعمار معقّد وحي وقادر على التكيّف. وإنّ العنف الذي ينتجه الاستعمار مرنٌ وقد اتخذ أوجهًا مختلفة عبر الزمان والمكان وهذا أمر يتطلّب دراسةً موضعية ومفصّلة حتى تكون مقاومتنا بنفس القدر من المرونة والقدرة على التكيّف والدقّة. غير أننا نرفض أيّ نوع من "العدمية النظرية" المبنية على "المراكمة البسيطة للتمييزات المفصّلة"9 التي تُجزّئ الحقبات المختلفة والجغرافيات وتقسّمها بشكل مبالغ فيه، إلى حد يمنع نقل الدروس المستفادة من حقبة أو منطقة إلى أخرى. عوضًا عن ذلك، نعتبر أنّ كلًّا من المقارنة واستحضار التجارب التاريخية هي ممارسات مفيدة عمليًا من أجل تحقيق الإدراك النظري الشامل ومن أجل الممارسة الثورية في العالم المادّي والحيّ، بعيدًا عن الرمز الأكاديمي أو الإعلامي المتحجّر والمفرغ من مضمونه .
وبالفعل، بالنظر إلى أعمال فانون الكاملة، يسهل إيجاد تعليقات متعمّقة حول الطبيعة الجوهرية للاستعمار ووسائله، ومنها ما يعكس مشابهات واضحة مع وضعنا الحالي الذي لا يمكن وصفه بأنه ما بعد استعماري، لا سيما في غزّة.
على سبيل المثال، في مقال بتاريخ ١٥ آذار/مارس ١٩٥٨ للمجاهد بعنوان "الناجون من المنطقة منزوعة السلاح "، يقول فانون:
إنّ إقامة المنطقة العازلة هي واحدة من الإجراءات اليائسة التي اتّخذتها فرنسا والتي تعكس بأبهى صورة طابع سياستها في الجزائر؛ إنّها سياسة عديمة الكفاءة ومجرمة في آنٍ معًا. لقد قلنا ذلك مرارًا وتكرارًا، أنّ قوّة السلاح لن تخدش إرادة الشعب الجزائري. إنّ عمليات التمشيط التي نفّذتها ستّ فرق عسكرية لم تأتِ بأي نتيجة... إنّ قرار إقامة أرض محظورة بجانب الحدود التونسية، وهو قرار ليس ذات قيمة عسكريًا، يستهدف المدنيين بصورة أساسية، ويشكّل جزءً من خطّة إبادة واسعة.10
فعلًا، من تابع حرب الإبادة الصهيونية خلال الأشهر ال٢٢ الماضية، والتي تشكّل المرحلة الأحدث من النكبة المستمرّة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني، يصعب ألّا تتبادر إلى ذهنه الحملة الصهيونية الإجرامية لإبادة المدنيين عند قراءة وصف فانون المذكور أعلاه. فكما هو الحال مع سياسة فرنسا في الجزائر، فقد اتسمت الحملة الصهيونية الإجرامية بفشل منهجي وغياب تامّ لأي إنجاز عسكري يُذكر. وفي ظلّ عجزهم عن تحقيق أيّ من أهدافهم العسكرية المعلنة، لجأ الصهاينة عوضًا عن ذلك إلى أسلوبهم المعهود والمفضّل في الحرب، ألا وهي الإبادة الجماعية للمدنيين من خلال المجازر المباشرة، والتدمير الكامل للبنى التحتية المدنية، والإرهاب الوحشي والتخريب العسكري، وإقامة "مناطق عازلة" وممرّات تقسّم القطاع وتدمّره.11
في مقال سابق للمجاهد يحمل عنوان "استراتيجية جيش يائس"، يصف فانون الوحشية المعتمدة في إقامة هذه المناطق العازلة والتي أنشئت بهدف "عزل الجزائر عن العالم الخارجي، وبالتالي، منع وصول أي أسلحة إلى جيش التحرير الوطني"12. ويسرد أوامر الإخلاء التي كانت تُصدر بإشعار قصير للغاية دون أن تترك للناس أي وجهة سوى رصاص المحتلّ أو معسكرات الاعتقال. كما يصف استخدام مزاعم "تهريب السلاح" كذريعة لشنّ حرب على المدنيين، في مشهد يذكّر بالتقسيم الصهيوني لقطاع غزة والتطهير العرقي ضده، ذلك على الرغم من أنّ، وعلى عكس زعم الدعاية الصهيونية وذريعة الحرب، لطالما اعتمدت المقاومة على السلاح المصنّع محلّيًا عوضًا عن السلاح المهرّب إلى داخل القطاع.13
...وهي مختبئة خلف المنطقة الحدودية العازلة، ومحمية بحزام النار الذي يحيط بالجزائر، سيحظى الجيش الاستعماري بالحرّية التامّة من أجل تكثيف الحرب ضدّ المدنيين وتنفيذ سياسته الإبادية.14
وتمامًا كما لم يستطع التدمير الاستعماري الفرنسي و"قوّة السلاح" أن "يخدشا إرادة الشعب الجزائري" حينها، من الواضح أنّه لا نصر ممكن اليوم لهذه المستعمرة الاستيطانية الصهيونية والإمبريالية الأمريكية التي تخدمها. مهما بحثوا يائسين عن انتصارات وهمية، تتحدّاهم المقاومة باستمرار، وتبقى صامدةً متماسكة، بل وتزداد قوّة على أصعدة عدّة مع مرور أشهر الحرب هذه، بينما يقف المشروع الصهيوني على حافّة الانهيار، مكشوفًا كمستعمرة إبادة جماعية مارقة تابعة لنظام إمبريالي غربي تقوده الولايات المتحدة، نظام فاقد للمصداقية وعلى شفير الاحتضار.
يستكمل فانون مقال "الناجون من المنطقة منزوعة السلاح" بتوثيق فظائع الفرنسيين في الجزائر، التي وصفها ب"البربرية غير المسبوقة" وبأنّها "محاولة هائلة وممنهجة للإبادة"15. يضيف توصيفه للإبادة الكولونيالية شهادات جديدة إلى تصريحاته المشهورة حول التعذيب ك"أسلوب حياة" و"ضرورة أساسية للعالم الاستعماري" في مقاله "الجزائر وجهًا لوجه مع المعذّبين الفرنسيين"، والذي نشر في كتاب لأجل الثورة الإفريقية.16
في هذا النصّ وفي غيره من النصوص، يساوي فانون التعذيب بالاستعمار، إذ يكتب: "لا يمكن للفرد أن يكون داعمًا لاستمرار الهيمنة الفرنسية في الجزائر ومعارضًا للوسائل التي تتطلّبها هذه الهيمنة في آنٍ معًا. ليس التعذيب في الجزائر حادثًا أو خطأً أو غلطة"، ويضيف: "لا يمكن فهم الاستعمار دون إمكانية التعذيب أو الاعتداء أو التجزير. يمثّل التعذيب تعبيرًا ووسيلةً للعلاقة بين المحتلّ وبين الواقع تحت الاحتلال."17 ليخلص إلى أنّ "الهيكلية الاستعمارية مبنية على ضرورة التعذيب والاغتصاب وارتكاب المجازر"18، وقد فصّل أدلّة عن التعذيب والاغتصاب والتجزير في مقال "الناجون من المنطقة منزوعة السلاح":
مدجّجون بالسلاح، يقتحم الجنود الفرنسيون المنازل ويمارسون التعذيب ويقطعون الرقاب ويشوّهون الجثث. النهب والاغتصاب يطغيان على أعمالهم، كما يتمّ تلف مؤن الفلّاحين البسيطة ومصادرة المواشي وإشعال النيران بالمنازل والأكشاك. النساء يتعرّضن للإغتصاب، بغضّ النظر عن أعمارهنّ، على مرأى أطفالهنّ، حتّى الرجال البالغون يتعرّضون للاعتداء الجنسي أمام أقاربهم... يتمّ انتشال الأطفال من أيدي أمّهاتهم ورميهم تحت الدبّابات، بينما يتمّ فتح النار على الأطفال المصابين بالهلع والذين يحاولون الهروب بوابل من رصاص المسدّسات الآلية... تلعب فرنسا دور الجلّاد الوحشي. تظهر هذه الأعمال الوحشية المدى الذي اعتزمت أن تصله فرنسا وهي تكثّف جهودها الإبادية."19
من منّا لا يتذكّر المشاهد المتكرّرة لدبّابات الميركافا "الإسرائيلية" وهي تدهس ببطئ الأجساد الحيّة لفلسطينيين لإشباع رغبة المحتلّ السادية؟20 من منّا لم يرَ المشاهد اليومية للمجازر اللامتناهية، من مجازر طوابير المساعدات أو الطحين أو الخيام أو النصيرات أو مستشفى الشفاء أو القدس أو الأهلي أو كمال عدوان أو ناصر؟ أو الأطفال الذين يصابون بنار القناصة، أو يذبحون بقنابل أمريكية الصنع، أو المنازل التي تُستهدف بالصواريخ وتُدمّر أو الخيام التي تحرق؟21 أو الأحياء التي تُردم بأكملها لتتحوّل إلى أراضٍ قاحلة بمشاهد كارثية؟ أو الاغتصاب الممنهج للفلسطينيين في معسكرات الاعتقال الصهيونية؟ أو مئات الآلاف التي تُقتل، وغيرهم من الذين يموتون كلّ يوم من جرّاء حملة التجويع الشامل الممنهجة كسلاح حربي، واضعةً غزّة في المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي... كلّ محاولة لذكر المجزرة الأخيرة يتمّ تجاوزها لصالح مجزرة اليوم التالي مع شهادات جديدة تصلنا كلّ دقيقة، كلّ ساعة وكلّ يوم...
يكتب فانون في مقال آخر لجريدة المجاهد، بعنوان "منطق الاستعمار المفرط"22: "اليوم، يكشف الاستعمار الآفل عن وجهه الحقيقي". وبالفعل، لقد تمّ كشف الوجه الحقيقي للصهيونية على مرأى العالم، وهو وجه كان معروفًا منذ أوّل استيلاء عنيف للصهيونية، لكنّه فُضح على نطاق شامل غير مسبوق في أطول وأعنف الحروب على الكيان حتّى اليوم.
واصفًا أساليب التعذيب الفرنسية، والترهيب والعقاب الجماعيين، والفوضوية العامّة في مقال "عذاب شعب"، يرسم فانون في الوقت نفسه صورة للصهيونية الحديثة بكلّ فوضويتها الوقحة وعقائد الضاحية الخاصّة بها، عندما يشرح أساليب "الاستعمار الفرنسي الهادفة لعزل "النواة المتمرّدة" عن طريق ترهيب بقية السكّان."23 كاشفًا النظام الفرنسي، والنظام الغربي بصورة أوسع، وصف فانون الحرب الاستعمارية على أنّها "خيضت خارج القانون بشكل غير قابل للإصلاح... إذ لم يتوانوا عن تنفيذ أي عمل على الإطلاق، مهما كان شنيعًا"، قبل أن يقتبس عن مراقبين وصفهم للاستعمار الفرنسي في الجزائر بأنّه "أكبر عار للإنسانية الغربية".24
في كتابات أخرى، وكما أكّد أنّ التعذيب مرادف للاستعمار، عرّف فانون العنف الاستعماري والإبادة الجماعية كمرادفين لـ"الإنسانوية" الغربية نفسها. من خلال ذلك، من المؤكّد أنّه كان ليرفض الهتافات الليبرالية الشائعة عن "العار!" تلك التي تُردد بشكل مفرط في كلّ احتجاج سلميّ في الغرب، كما لو لم يكن فانون من صرّح بوضوح تامّ "أنّك لن تخجل الاستعمار"25، أو أنّ الاستعمار لن "ينتحر" بل هو العنف بأنقى صوره وبالتالي "سيدافع عن نفسه باستماتة"26. خارج وضدّ "إنسانوية" الغرب المعادية للإنسان - والتي تنظر إلى الإنسانية على أنّها "احتكار 'الحضارة' الغربية ضمن أسطورة فوقية البيض والتي تصوّر السود (وسائر من هم من غير البيض) بصورة نرجسية وملائمة لسرديتها، على أنّهم "متخلّفون" و"همجيون"27. بدلًا من ذلك، يدعو فانون للولادة الثورية ل"إنسانوية جديدة"، و"عالم جديد". عالمٌ جديدٌ لا يمكن إلّا أن يولد، بصورة جدلية، من أحشاء "الجثة المتفسخة"28 للعالم القديم، من خلال العنف المضاد والكفاح الثوري ضدّ الإمبريالية العالمية الأمريكية وعملائها المحلّيين.
أمام العنف الشامل للاستعمار، والذي، كما كتب فانون في "الثورة الجزائرية في عامّها الخامس"، لا يكتفي بمجرّد "احتلال الأرض" أو "تراب الوطن"، بل يتغلغل في "الوطن بأكمله، في تاريخه، في نبضه اليومي... مشوّهًا، على أمل الوصول إلى دمار نهائي"29، ليصل إلى حدّ احتلال نفَس المستعمَر من خلال استعمار الهواء والجوّ نفسه. أمام هذا العنف الشامل إذًا، يصبح من الضروري، وبنفس القدر من الشمولية، القيام بمساءلة مناهضة للاستعمار وللحالة الاستعمارية بأكملها. ومن الواضح، كما يقول فانون، أنّ هذا "هذا العالم المضيق، المزروع بأنواع المنع، لا يمكن تبديله إلا بالعنف المطلق."30
بالنسبة لفانون، العنف هو الوسيلة التي لا يستعيد عبرها المستعمَر إنسانيته فحسب، بل يخلق فعليًا إنسانية جديدة، كائنًا جديدًا، يولد من أحشاء الكائن القديم بهدف خلق عالم جديد. إنّ حلّ فانون التشويضي لعقد النقص أو رهاب الذاتية لدى المستعمَر الذي تمّ تجريده من قبل هذا النظام الغربي واعتباره ما دون البشر و"تشييئه"، هو العنف الثوري المضادّ. بالتالي، يكتب فانون أنّه "العنف يطهر الأفراد من السموم . إنه يخلص المستعمر من مركب النقص الذي يعيث في نفسه فسادا، ويحرره من موقف المشاهد أو اليائس . إنه يرد إليه شجاعته، ويرد إليه اعتباره في نظر نفسه."31 على مستوى المجتمع، فهذا يعني أكثر من مجرّد أعمال عنف مضاد فردية، فهو يمثّل ولادة جديدة ثورية وتحوّلًا إلى ثقافة ثورية جديدة تقلب منظومة القيم الغربية وتخلق عالمًا جديدًا.32 بالتالي، يقول فانون عن "محو الاستعمار" أنّه:
...لا يمكن أن يعبر عبورا دون أن يلاحظه أحد، لأنه يتناول الوجود، لأنه يغير الوجود تغييراً أساسيا... إن محو الاستعمار يبث في الوجود إيقاعا خاصاً يجيء به الرجال الجدد، ويحمل إلى الوجود لغة خاصة وإنسانية جديدة. إن محو الاستعمار لهو خالق رجال جدد حقا ... إن المستعمر الشيء يصبح إنسانا بمقدار ما يحقق من عمل لتحرير ذاته. ففي محو الاستعمار يجب إذن تغيير الوضع الاستعماري تغییرا کاملا.ً ويمكن أن يقوم تعريفه، إذا أردنا أن نصفه وصفا دقيقا، في هذه العبارة المعروفة: "الأواخر سيصبحون الأوائل". إن محو الاستعمار تحقيق لهذه الجملة.... هذه الإرادة الثابتة التي تريد أن تنقل الأواخر إلى طليعة الصف... لا يمكن أن تنتصر إلا إذا ألقيت في الميزان جميع الوسائل، ومنها وسيلة العنف طبعا.33
في مواجهة الحرب الشاملة للإبادة الاستعمارية الاستيطانية، وفي مواجهة عملية نزع السلاح الكمبرادورية الانهزامية في أوسلو والحكومات النيوكولونيالية العميلة والليبراليات الإنجيأوزية الفاشلة، لقد استعاد محور المقاومة الفلسطيني والإقليمي احترام الذات. لقد حطّم هذا المحور، بصورة أبدية، كلّ الأوهام عن أنّ "إسرائيل"، أو بالأحرى، الغرب، لا يُقهر، من خلال مقاومتهم الصامدة والتي، بعد ٢٢ شهرًا من الحرب، تحافظ على وتيرة عملياتية تشلّ الجيش الصهيوني والنظام الامبريالي الغربي بأكمله.
ولم تُفلت من نقد فانون الحادّ الدول العربية الاستعمارية الجديدة والحكّام الدمى التابعون والمتعاونون والشركاء في مشروع رأس المال الأمريكي لحفظ التخلّف [الاقتصادي] في المنطقة وقمع شعوبهم ومقاومتهم. إنّه بعيد كلّ البعد من أن يكون ما بعد استعماري، مهما ادّعت أبواق الامبريالية وأبراجها العاجية، إذ أنّ فانون قد تنبّأ في أعماله ببعد نظر ثاقب، بحقبتنا الحالية التي يطغى عليها الاستعمار الجديد، وبالأخصّ في كتاب معذّبو الأرض وفي مقالاته بكتاب لأجل الثورة الإفريقية.
لقد ميّز، على سبيل المثال، بين "الاستقلال الفعلي" والاستقلال الشكلي، ذلك "الاستقلال الزائف حيث يدير الوزراء الذين يحظون مسؤولية محدودة اقتصادًا يرزح تحت هيمنة الميثاق الكولونيالي". لقد أصرّ فانون أنّ التحرير لا يمكن أن يأتي إلّا من خلال "التدمير الكامل للنظام الاستعماري."34 يرسم فانون، في فصله عن "مزالق الشعور القومي" في كتاب معذّبو الأرض، صورة سيكولوجية عن هذه البرجوازية الرثّة من "السكّان الأصليين" والتي "نراها تقوم بدور الوكيل عن الغرب في إدارة مشاريعه، ونراها تنظم بلادها ماخوراً لأوروبا".35 هذه الطبقة الوسيطة، والتي تقبل بإغراق بلدانها بالتخلّف مقابل لعب دور "وكيل الأعمال" للطبقة البرجوازية الغربية، انها "تقتفي آثارها [البورجوازية الغربية] في الجانب السلبي وتنحط دون أن تكون قد قطعت مراحل الاستكشاف والابتكار الأولى التي قطعتها البورجوازية الغربية، وحققت بها أشياء إيجابية على كل حال. إن البورجوازية الوطنية في أول عهدها تشبه بالبورجوازية الغربية في آخر عهدها. وما ينبغي أن نظن أنها تغذ السير وتحرق المراحل. فإنما هي في حقيقة الأمر تبدأ بالنهاية. لقد دلفت إلى الشيخوخة المتهدمة قبل أن تعرف ما يعرفه عهد الصبا والمراهقة من نزق، وتهور، واندفاع."36
يجد توصيف فانون للبرجوازية الكمبرادورية صدى له في أعمال علي القادري، الذي، عبر كتاباته حول تفكيك التنمية العربية في يومنا الحالي على يد رأس المال الأمريكي والأنظمة العميلة، يصف تقليد الطبقة الكمبرادورية المستمرّ بال"استعراض المتبجّح للثراء والامتيازات... [ما يحاكي] أنماط الاستهلاك لنظيراتها المركزية [أي البرجوازية الغربية].37 ويمكن بالفعل توصيف الحقبة النيوكولونيالية والنيوليبرالية من الامبريالية الرأسمالية في العالم العربي بهذا الاستهلاك الكمبرادوري، وبتراجع النشاط الصناعي وبتفكيك التنمية، ما يؤدّي إلى التنازل عن السيادة والأمن عبر الخضوع لإملاءات رأس المال الأمريكي في نسق ممنهج من الانهزام والانبطاح.38 هذه الخيانات وتطوّر الدولة النيوكولونيالية التي تنتج عنها تشكّل بالضبط نفس "المزالق" التي تنبّأ بها فانون وحذّر منها بإصرار في آخر أعماله وأبرزها، معذّبو الأرض.
هذه التحفة، والتي لا تزال تواجه تجاهلًا واسعًا من قبل الأوساط الأكاديمية، وتُستحضر كرمز عابر في الإعلام الرائج اليوم، لم تحتج لعقود من الزمن حتّى تجد صداها بين "معذَّبي الأرض" حول العالم عند صدورها. بل تفاعل الثوريون حول العالم بإيجابية مع تحليل فانون للاستعمار وندائه الطارئ للثورة المسلّحة المناهضة للاستعمار، وخاصّة بوجه الاستعمار الجديد الناشئ.
وبالفعل، علي شريعتي نفسه-المناضل الإيراني الذي وُصف بأنّه "المنظّر الأساسي للثورة الإيرانية عام ١٩٧٩"39- ساهم في إيصال معذّبو الأرض إلى الوسط الفكري الإيراني . شريعتي، وهو عضو في الجبهة الوطنية التي أمّمت، تحت قيادة مصدّق، النفط الإيراني عام ١٩٥١، قام بترجمة أجزاءً من الكتاب، إلى جانب نصوص أقدم لفانون كالثورة الجزائرية في عامها الخامس للجمهور الإيراني.40 من خلال شريعتي، وجدت أعمال فانون "أرضًا خصبة"41 بشكل استثنائي في إيران حيث بدأ، في الأيّام الأولى من الثورة، ظهور مناشير تحمل صورة فانون [وكتاباته] على نطاق واسع.42 واصفًا فانون ب"صديقه النابغة"، و"أحد أروع الشخصيات البطولية في هذا الزمن الخسيس"43، نشر شريعتي أجزاء من رسائل تبادلها الاثنان مسلّطاً الضوء بشكل خاص على تحليل فانون لدور الإسلام في النضال. في إحدى تلك الرسائل، كتب فانون:
[عالم الإسلام] حارب الغرب والاستعمار أكثر من آسيا كلها وأفريقيا كلها... ورغم أنّني لا أكنّ نفس مشاعركم تجاهه، إلا أنني أودّ أن أؤكد، أكثر ممّا أكّدت أنت حتى ، على ملاحظتك بأنّ الإسلام يحمل إمكانيةً مناهضة للاستعمار وطابعًا مناهضاً للغرب أكثر من أي قوى اجتماعية أخرى لبدائل أيديولوجية في العالم الثالث (أو، إن سمحت لي، في الشرق الأدنى والأوسط).44
توقّع فانون في رسالته إذًا فقدان الطابع العلماني للمقاومة الإقليمية المسلّحة بوجه الصهيونية والامبريالية الأمريكية في العقود القادمة.45 وفي حين أقرّ بالامكانية الثورية العظيمة للمناهضة الإسلامية للاستعمار، إلّا أنه اعتبرها أداةً مستقبلية فعّالة من أجل التحرّر وليس غاية بحدّ ذاتها، إذ إنّه مسار يواجه خطر الانقسام الطائفي والمزالق.
أتمنّى أن يحسن مثقّفوكم الأصيلون الاستفادة من الموارد الثقافية والاجتماعية الهائلة التي تحملها المجتمعات والعقول الاسلامية، بهدف الانعتاق والتأسيس لإنسانية وحضارة جديدتين، وضخّ هذه الروح في الجسد المنهك للشرق المسلم... لكن، أعتقد أنّ إعادة إحياء العقليات الطائفية والدينية قد تعيق هذه الوحدة الضرورية، والتي هي صعبة المنال بالفعل، وبالتالي، تحوير هذا الوطن القادم، هذا الوطن الذي هو، بأحسن الأحوال، 'قيد الإنشاء'، بعيدًا عن مستقبله الأمثل بل وأقرب إلى ماضيه.46
ورغم رؤية فانون لتباعد المسارين بل "وتعارضهما أحياناً"، أصرّ بنهاية المطاف على أنّه "بغضّ النظر عن المظاهر، إنّ جهودكم في سبيل تحقيق هذه الغاية لا تتعارض مع مسعاي"، وأنّ "كلا المسارين سيندمجان في نهاية المطاف، حتّى بلوغ الوجهة التي تنعم فيها الإنسانية بحياة كريمة."47 بالتالي، استطاع فانون أن يحذّر من خطر الطائفية دون أن ينبذ الإسلام، ليرى، عوضًا عن ذلك، الإمكانية الهائلة التي يحملها الإسلام لكي يكون قوّة تقدّمية في ظلّ الوحدة ومع الممارسة الثورية للمقاومة المناهضة للاستعمار. في هذا المجال، قد يساعدنا فانون في فهم الجاذبية، والقوّة والمساهمات التاريخية والتقدّمية التي قدّمتها مجموعات المقاومة الإسلامية كحماس وحركة الجهاد الإسلامي وحزب الله، إضافة إلى علاقاتها السياسية واستمراريتها مع المجموعات القومية العلمانية أو اليسارية المقاومة، مع رفض العنف الطائفي الرجعي والإرهاب الذي تمارسه بعض القوى "الإسلامية" التي أسّسها الغرب ودعمها، سواء سمّت نفسها القاعدة أو النصرة أو هيئة تحرير الشام أو داعش في يوم من الأيّام أو في غيره، وهي القوى التي عاثت فسادًا في المنطقة، وربما في سوريا خاصة.48
بالعودة لأعماله في جريدة المجاهد، اختتم فانون مقاله "استراتيجية جيش يائس" بقوله:
بحكم طابعها الخاصّ، لا يمكن للثورة الجزائرية إلّا أن تشع للخارج وأن تثير الدعم والتعاطف. لقد ولّت تلك الأزمنة المظلمة التي كانت تئنّ فيها الجزائر الشهيدة وكأنّها في زنزانة عزل هائلة. بتحطيمه أغلاله وقضبانه، استعاد الشعب الجزائري الاتّصال بشعوبه الشقيقة. إنّ الثورة الجزائرية، والتي ضمنت دعم كافّة قوى الحرّية، قد انتصرت بالفعل. كلّ الاستراتيجيات الاستعمارية مصيرها الفشل. ,وليس بعيداً اليوم الذي سيُمنع فيه الجيش الفرنسي من دخول الجزائر بأكملها.49
وبالفعل، فإنّ كسر القيد الذي دشّنه طوفان الأقصى حطّم"أغلال وقضبان" الحصار المحكم، والتطبيع، واستعاد التواصل مع العالم، مشرقاً، ومثيراً الدعم العالمي للشعب الفلسطيني بوجه الفاشية الاستيطانية الاستعمارية الصهيونية التي ابتليت بها المنطقة لعقود طويلة. لكن، وكما حدث مع فرنسا في الجزائر، فإنّ جميع الاستراتيجيات الاستعمارية الصهيونية -مهما بلغت من التدمير بحق المدنيين المنكوبين- مصيرها الفشل في نهاية المطاف، وليس اليوم ببعيد الذي تُمنع فيه الصهيونية من فلسطين المحرّرة، ومن المنطقة، والعالم بأسره. لقد انتصرت الثورة الفلسطينية بالفعل.
المراجع
Aladam, Mera. "Israeli Soldiers Detail Orders to 'Annihilate' Gaza Land for Buffer Zone." Middle East Eye, April 8, 2025. https://www.middleeasteye.net/news/israeli-troops-ordered-annihilate-gaza-land-buffer-zone-report.
Al Jazeera. "'Heinous Massacre': Israel’s Attack on Rafah Tent Camp Widely Condemned." May 27, 2024. https://www.aljazeera.com/news/2024/5/27/heinous-massacre-israels-attacks-on-rafah-tent-camp-widely-condemned.
Al Jazeera. "Israel-Hamas War in Maps and Charts: Live Tracker." June 14, 2024. https://www.aljazeera.com/news/longform/2023/10/9/israel-hamas-war-in-maps-and-charts-live-tracker.
Anderson, Tim. Axis of Resistance: Towards an Independent Middle East. Atlanta: Clarity Press, 2019.
Batchelor, Kathryn, and Sue-Ann Harding. Translating Frantz Fanon Across Continents and Languages. New York: Routledge, 2017.
Cherki, Alice. Frantz Fanon: A Portrait. Translated by Nadia Benabid. London: Cornell University Press, 2006.
Dar al Janub. “Greg Thomas: The Complete Fanon: African Revolution, Black Power Movement, and Neo-Colonial Imperialism (Beyond The Academic Myths of Post-Coloniality).” YouTube video, 1:18:59. June 14, 2018. https://youtu.be/RialYYb90Os.
Euro-Med Human Rights Monitor. “A Compound Crime: Israeli Army Hits Gaza Family, Uses Them as Human Shields, and Runs Over Their Mother.” June 30, 2024. https://euromedmonitor.org/en/article/6385/A-compound-crime:-Israeli-army-hits-Gaza-family,-uses-them-as-human-shields,-and-runs-over-their-mother.
Fadaee, Simin. “Ali Shariati: An International Fighter.” In Global Marxism: Decolonisation and Revolutionary Politics, 175–194. Manchester: Manchester University Press, 2024.
Fanon, Frantz. A Dying Colonialism. Translated by Haakon Chevalier. New York: Grove Press, 1965.
Fanon, Frantz. Toward the African Revolution. Translated by Haakon Chevalier. New York: Grove Press, 1967.
Fanon, Frantz. The Wretched of the Earth. Translated by Constance Farrington. New York: Grove Press, 1968.
Fanon, Frantz. Alienation and Freedom. Edited by Jean Khalfa and Robert J.C. Young. Translated by Steven Corcoran. London: Bloomsbury Academic, 2018.
Fanon, Frantz. The Political Writings from Alienation and Freedom. Edited by Jean Khalfa and Robert J.C. Young. Translated by Steven Corcoran. London: Bloomsbury Academic, 2021.
Gaza Government Media Office. "Gaza Strip on the Brink of a Mass Killing of 100,000 Children Within Days if Infant Formula Is Not Immediately Supplied." Resistance News Network [Telegram], July 26, 2025. https://t.me/PalestineResist/80447.
Geismar, Peter. Fanon. New York: The Dial Press, 1971.
Gendzier, Irene L. Frantz Fanon: A Critical Study. New York: Pantheon Books, 1973.
Gordon, Lewis R., T. Denean Sharpley-Whiting, and Renée T. White. "Introduction: Five Stages of Fanon Studies." In Fanon: A Critical Reader, 1–8. Cambridge, MA: Blackwell, 1996.
Hajjaj, Tareq S. "Rafah No Longer Exists. This Is Part of Israel's Plan to Permanently Occupy Gaza." Mondoweiss, April 24, 2025. https://mondoweiss.net/2025/04/rafah-no-longer-exists-this-is-part-of-israels-plan-to-permanently-occupy-gaza/.
Kadri, Ali. Arab Development Denied: Dynamics of Accumulation by Wars of Encroachment. New York: Anthem Press, 2015.
Martin, Tony. “Rescuing Fanon from the Critics.” In Rethinking Fanon: The Continuing Dialogue, edited by Nigel C. Gibson, 83–102. New York: Humanity Books, 1999.
Mellino, Miguel. "Notes from the Underground, Fanon, Africa, and the Poetics of the Real." In Living Fanon: Global Perspectives, edited by Nigel C. Gibson, 61–74. New York: Palgrave Macmillan, 2011.
Perinbam, Marie. Holy Violence: The Revolutionary Thought of Frantz Fanon. Washington, DC: Three Continents Press, 1982.
Quds News Network. "Israel Uses Smuggling Weapons as a Pretext to Turn Rafah into Nazi-Style Camp." Telegram, July 15, 2025. https://t.me/QudsNen/175471.
Robinson, Cedric. “The Appropriation of Frantz Fanon.” In Cedric J. Robinson: On Racial Capitalism, Black Internationalism, and Cultures of Resistance, edited by H.L.T. Quan, 295–307. London: Pluto Press, 2019.
Sayles, James Yaki. Meditations on Frantz Fanon’s Wretched of the Earth: New Afrikan Revolutionary Writings. Chicago, IL: Spear and Shield Publications & Kersplebedeb Publishing and Distribution, 2010.
The Cradle. "Gaza Officials Warn 100,000 Children Face Imminent Death Due to Israeli Aid Blockade." July 26, 2025. https://thecradle.co/articles/gaza-officials-warn-100000-children-face-imminent-death-due-to-israeli-aid-blockade.
The Cradle. “Israeli Security Cabinet Chose Starvation Policy in Gaza Over Deal to Free Captives: Report.” August 7, 2025. https://thecradle.co/articles/Israeli-security-cabinet-chose-starvation-policy-in-Gaza-over-deal-to-free-captives:-Report.
Thomas, Greg. "On Psycho-Sexual Racism & Pan-African Revolt: Fanon & Chester Himes." Human Architecture: Journal of the Sociology of Self-Knowledge 5, no. 3 (2007): 219–230.
Turner, Jonathan. “Resistance Report Episode Nine: The Palestinian Armed Struggle, Israel, and the Rise of Hezbollah.” Al Fida’i Media Network (podcast). Spotify, August 9, 2025. https://open.spotify.com/episode/5ezOsSdbLDWlQKlTwQpiYb?si=rBUQ5lkQQcyV7hdaKawf7Q.
United Nations. "In Gaza, Mounting Evidence of Famine and Widespread Starvation." July 29, 2025. https://news.un.org/en/story/2025/07/1165517.
United Nations Independent International Commission of Inquiry on the Occupied Palestinian Territory, including East Jerusalem, and Israel. “‘More Than a Human Can Bear’: Israel’s Systematic Use of Sexual, Reproductive and Other Forms of Gender-Based Violence.” March 13, 2025. https://www.un.org/unispal/wp-content/uploads/2025/03/Report-of-Independent-International-Commission-of-Inquiry-on-the-Occupied-Palestinian-Territory-13-March-2025.pdf.
الهوامش